بقلم ’’ أبو هود ’’
حضي مفهوم المخزن مـكـانـة رئيسية في الأدبيات السياسية المغربية، لذلك تناوله بعض الباحثين الأجانب ، أمثال “ميشو بيلار وروبـيـر مونـتـاني”، في تـحـلـيـلاتـهـم لـلـدولة المغربية، كما تم استعماله أيضا من طرف الباحثين المغاربة، و على رأسهم العروي، حيث تبناه كمفهوم محوري في أطروحته “حول الأصول الاجتماعيةوالثقافية للوطنية المغربية”.
وهكذا يرى العروي أن مصطلح المخزن، الذي أصبح متداولا بشكل كبير في مغرب القرن 19، كانت له عدة معان ودلالات غير أن الباحث اكتفى فقط على معنيين رئيسين:
– المعنى الأول تنظيمي (المخزن كجهاز)
..المعنى الثاني سوسيولوجي (المخزن كنخبة اجتماعية)
اولا : الـمـخـزن كـجـهـاز:
يتكون المخزن وفق هذا المفهوم من الجيش قبائل الكيش والعسكر ….، هذا الأخير يشكل الأداة الأمنية والقمعية للمخزن، والبيروقراطية كتاب الدواوين والأمناء…، و تشكل الأداة الإدارية للمخزن ، غير أن هذا الأخير، كجهاز تنظيمي، لا يقتصر فقط على الجيش والبيروقراطية، بل يتعدى ذلك أيضا من كل من يتلقى أجرا من بيت المال مقابل الوظيفة التي يقوم بها والمتعلقة بحفظ النظام العام، سواء في المدن أوالقرى.
لهذا ، فإن كل هؤلاء يندرجون في إطار المخزن، الشيء الذي يؤدي إلى إطلاق الألقاب المخزنية عليهم.
وعليه فالمكلفون بالحراسة وفرض الأمن يسمون المخازنية، والعائلات التي تتعاقب على تولي المناصب الوزارية تسمى العائلات المخزنية. وبالتالي تصبح “المخزنية” عبارة تفيد معنى الوظيفة أو الراتب.
ثانيا: المخزن كنخبة اجتماعية
إلى جانب المفهوم الضيق للمخزن، هناك مفهوم أكثر شمولية واتساعا بحسب العروي، حيث بات المخزن منطبقا على مجموع الفئات والشرائح الاجتماعية التي يستمد منها رجالاته وأطره. وهـكـذا تـنـدرج فـي إطـار الـمـخـزن، فئة الخاصة ، قبائل الكيش ثم فئة الشرفاء والصلحاء ……
و بشكل عام ، فإن المـخـزن بمختلف مستوياته وشرائحه، يعتبر بنية تنظيمية لا يمكن أن الاستغناء عنها من طرف السلطان أو أن يحكم بدونها. “فالمخزن يـشـكـل الـجماعة التي تختار وتنفذ الأوامر، كما تشكل الجماعة التي تضفي الشرعية وتضخم من سلطة السلطان.”
وهكذا، فالسلطان يعتبر الرئيس المباشر لكل شريحة من الشرائح التي تكون المخزن؛ وبالتالي فكل وظيفة يقوم بها أي عضو من أعضاء هذه الشرائح هي انعكاس وتضخيم لسلطة السلطان. فالسلطان يجسد مختلف أبعاد السلطة، فهو بمثابة ” إمام – منظم إداري – شريف ….”
يقول الـعـروي : إذا نـظـرنا إلـى الدولة كنظام ومنطق وشكل؛ فإننا لا نستطيع أن نجد ذلك واضحا داخل البنية المخزنية.
فالمقدس والديـنـي والـوضـعـي والـعـسكري كـلـها جوانب نجدها متداخلة ومندمجة داخل البنية المخزنية، كما أنه لا يمكن أن نــميز بوضوح شكلانية العلاقات الاجـتـمـاعـيـة، الـتي تحدد ترقي الأشخاص وتسلمهم المناصب المخزنية.