خالد الحافظ _ LES7TV
في قلب منطقة أولاد سلمان، حيث الطبيعة تتناغم مع الإنسان منذ قرون، ترتفع أصوات الغضب والاستياء من واقع تنموي مشوّه، عنوانه نزع الملكية بثمن زهيد، ومشاريع صناعية لا تنعكس إيجاباً على الساكنة، بل تُثقِل كاهلهم بأضرار بيئية واقتصادية واجتماعية.
ففي الوقت الذي يُفترض أن تُحدث فيه المشاريع الكبرى رواجاً اقتصادياً وفرص شغل محلية، تفيد شهادات من أبناء المنطقة أن الأمر مختلف تماماً. فقد تم تجريد عدد من السكان من أراضيهم مقابل تعويضات هزيلة، في مقابل إنشاء مشاريع صناعية—من أبرزها المحطة الحرارية—التي لم تُسهم، حسب قولهم، في تحسين ظروفهم، بل ألحقت أضراراً فادحة بالبيئة والموروث الطبيعي.
التنمية في ميزان البيئة والعدالة الاجتماعية
تشير المعطيات إلى أن هذه المشاريع ساهمت في الإضرار بالغطاء النباتي للمنطقة، حيث طالت الأضرار أشجار الأركان والزيتون والدوم، وهي من العناصر البيئية الأصيلة التي تُشكل جزءاً من هوية المنطقة. حتى البحر لم يسلم، حيث أفاد فاعلون محليون بأن المياه البحرية باتت مهددة بالتلوث، نتيجة مخلفات الأنشطة الصناعية.
في مقابل كل هذه الأضرار، يغيب خلق فرص شغل حقيقية لأبناء المنطقة. ويؤكد عدد من الشباب المحليين أنهم مقصيون من التشغيل داخل هذه المشاريع، بينما تُمنح “قسائم شراء” موسمية بقيمة 250 درهماً كحلّ رمزي، يطرح أكثر من علامة استفهام حول مفهوم التنمية المنشودة.
قسائم موسمية بدل عدالة اجتماعية
القسائم التي تُوزَّع على فئة محدودة من الساكنة، بحسب ما وردنا من مصادر محلية، لا تغطي إلا مناسبات بعينها مثل عيد الأضحى. والغريب، وفق ما صرحت به نفس المصادر، أن البعض يمتنع عن تسلُّمها احتجاجاً على ما يعتبرونه “إهانة وتنميماً للأصوات الغاضبة”، بينما تُمنح الحصة الكبرى لـ”محسوبين على المنطقة” في غياب معايير واضحة للإنصاف والتوزيع.
نسخة من إحدى هذه القسائم تم تزويدنا بها من طرف مصادر ميدانية، في إشارة إلى أن هذا الدعم المحدود لا يمكن أن يُعتبر بديلاً عن الحقوق الاجتماعية والتنموية الأصيلة التي يطالب بها السكان.
المحطة الحرارية.. تنمية في تعارض مع التوجيهات الملكية؟
ويذهب البعض إلى القول إن السياسات المعتمدة في هذه المشاريع تتعارض مع الرؤية الاستراتيجية التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد عليها، خاصة ما يتعلق بالتنمية الترابية العادلة والمستدامة، وتمكين المواطن من الاستفادة من خيرات بلاده دون إقصاء أو تمييز.
إن ما يحدث اليوم في أولاد سلمان يضعنا أمام تساؤلات حقيقية: هل التنمية تقاس بعدد المشاريع أم بمدى تأثيرها الإيجابي على الإنسان والمجال؟ وهل نزع الملكية بهذا الشكل، وتوزيع قسائم استهلاكية موسمية، يمكن أن يكون بديلاً عن التشغيل الكريم والعدالة البيئية والاجتماعية؟