هيئة التحرير _ LES7TV
في قلب جماعة أولاد سلمان بإقليم آسفي، وعلى مساحات شاسعة لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الميناء، يتشكل مشروع صناعي عملاق يعد بتحويل المنطقة إلى قطب استراتيجي لصناعات المستقبل، خصوصا تصنيع البطاريات الكهربائية وإنتاج الكابلات. الخريطة الاستثمارية تكشف عن دخول أسماء عالمية وازنة بحجم شركة صن وودا إلكترونيكس الصينية ويوميكر البلجيكية ونيكسانس المغرب وستيرلايت باور الهندية إضافة إلى تحالف ألمدى هولدينغ وسي إن جي آر، وهي استثمارات تقدر بمليارات اليوروهات وتعد بآلاف مناصب الشغل.
ورغم البريق الذي تحمله هذه الأرقام، إلا أن مخاوف عديدة تتصاعد في الأفق. التجارب السابقة في مشاريع مماثلة بالمغرب تؤكد أن الصناعات عالية التقنية غالبا ما تعتمد على يد عاملة مؤهلة يتم جلبها من خارج الإقليم أو حتى من خارج البلاد، في حين يظل نصيب أبناء المنطقة محدودا وفي وظائف ثانوية منخفضة الأجر. هذا السيناريو المحتمل يثير قلق الساكنة من أن تتحول أولاد سلمان إلى مجرد منصة إنتاج وتصدير لا يستفيد سكانها من عائداتها التنموية.
المخطط يكشف أيضا أن جزءا من الأراضي المخصصة لهذه المشاريع هو في طور نزع الملكية أو خاضع لعقود كراء طويل الأمد، وهو ما يفتح باب التساؤلات حول قيمة التعويضات وشفافية العملية ومصير الملاك الأصليين. في المقابل، يشكل القرب من الميناء نقطة قوة أساسية لهذه الاستثمارات، حيث يضمن للشركات سهولة التصدير نحو الأسواق الدولية، لكنه يطرح سؤالا حول أولويات التنمية المحلية وما إذا كانت هذه البنية التحتية ستخدم أبناء المنطقة أم ستكون موجهة بالكامل لخدمة سلاسل الإنتاج العالمية.
البعد البيئي يمثل هو الآخر مصدر قلق، فصناعة البطاريات ورغم ارتباطها بخطاب الانتقال الطاقي العالمي، تظل من الصناعات الثقيلة ذات الأثر البيئي الكبير، سواء من حيث النفايات الكيميائية أو استهلاك الموارد المائية أو المخاطر المحتملة على الصحة العامة. إقليم آسفي يعاني أصلا من هشاشة بيئية بسبب الأنشطة الكيماوية القائمة، ما يجعل أي تراخ في مراقبة المعايير البيئية مغامرة مكلفة على المدى البعيد.
نجاح هذا المشروع الضخم لن يقاس فقط بعدد المصانع المشيدة أو بحجم الاستثمارات المرصودة، بل بمدى إدماج أبناء أولاد سلمان في سوق العمل المؤهل، وضمان تعويضات عادلة وشفافة للمتضررين من نزع الملكية، وتطبيق صارم للمعايير البيئية. بدونه، قد يتحول هذا التحول الصناعي إلى نموذج